المقارنة بين مناهج الاستشراف الحكومي ( سنغافورة، فنلندا، كندا)



المقارنة بين مناهج الاستشراف الحكومي

تم تلخيص مناهج الاستشراف الحكومي الثلاثة السابقة وجمعها في الجدول  أدناه لأغراض المقارنة، وبوجهٍ عام تعتبر هذه المناهج أفضل برامج استشرافية في العالم. ومن الجدير بالذكر أنَّه يتم العمل في هذه البرامج منذ عقدين أو ثلاثة. ونجاحها طوال هذه الفترة ليس محض مصادفة، فوفقاً للمعلومات السابقة وآراء الذين أجروا مقابلات معنا في هذا التقرير، هناك دروس كثيرة تم الانتفاع بها وتعلُّمها على مدار هذه الفترة. وبالتالي يجب أن تستفيد الأطراف التي تنوي إعداد برنامج جديد في الوقت الحالي من هذه الأمثلة. تتشابه هذه المناهج الثلاثة في اعتمادها على شبكة تقودها قوة مرشدة، وغالباً ما تكون هذه القوة في شكل مركز رائد أو وكالة أو هيئة متميزة. يعكس هذا المنهج المختلط القائم على فكرة "الشبكة المُدارة" الدروس المستفادة من المناهج السابقة، فالإفراط في المركزية يؤدي إلى كبت الإبداع والابتكار، بينما تقود المناهج اللامركزية الدفة باتجاه الفوضى وسوء التنسيق. لذا تم من خلال هذه المناهج تأكيد أهمية بناء الشبكات وتغذيتها بالقيادات المُبدعة. من ناحيةٍ أخرى توجد فروق طفيفة بين هذه المناهج، من حيث الإجراءات المختلفة التي تتخذها المؤسَّسات التابعة لكل منهج. فمن بين هذه المناهج الثلاثة نجحت سنغافورة في إثبات نفسها كالدولة الأكثر إبداعاً وابتكاراً في هذا المجال، حيث إنَّ مؤسَّسات الاستشراف لديها تبحث باستمرار عن أدوات ومناهج جديدة. بينما تشدِّد كندا على حاجتها إلى اعتماد مناهج ونتائج موثوقة. أمَّا فنلندا فهي صاحبة أعلى نسبة مشاركة، وعلى ما يبدو تعاني من مشكلات في التنسيق بهذا المجال.

الجدول : المقارنة بين مناهج الاستشراف الحكومي

سنغافورة
كندا
فنلندا
العام
أواخر ثمانينيات القرن العشرين.
بدءاً من عام 1996؛ ولكن برز نجاحها عام 2011.
تسعينيات القرن العشرين.
الرؤية
بناء قطاع استراتيجي ومرن للخدمة العامة قادر على التعامل مع بيئة معقَّدة وسريعة التغيير.
تعزيز نوعية ممتازة ومستدامة للحياة، وذلك من خلال إنشاء المعارف وتطويرها لاتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بوضع سياسات هيئات وجهات الحكومة الكندية عن طريق تطبيق تصوُّر متكامل وطويل الأجل.
التفكير في المستقبل والسعي إلى تحقيق أفضل النتائج في المستقبل حرصاً على رِفاه الشعب الفنلندي.
المهمة
توجيه حكومة سنغافورة إلى التصدي للتحديات الاستراتيجية الناشئة واقتناص الفرص المحتملة.
توفير تصوُّرات متكاملة في الوقت المناسب بشأن قضايا السياسات الناشئة ونقلها إلى فئة وكلاء الوزارات.
يُلزِم البرلمان الحكومة الفنلندية بتقديم تقرير عن تصوُّرها المستقبلي مرة واحدة كل مدة برلمانية.
النموذج
يدير مركز الأحداث المستقبلية الاستراتيجية (CSF) ومكتب برنامج تقييم المخاطر واستقراء التهديدات المستقبلية (RAHS) منهج "الحكومة الشاملة" المترابط، وتقوم هاتان الوحدتان بتنسيق أعمال الاستشراف بين الوزارات المختلفة.
يتألف فريق عمل شركة Policy Horizons من 29 فرداً. تصف الشركة نفسها بأنَّها "مؤسَّسة للاستشراف والمعارف تعمل في نطاق قطاع الخدمة العامة الفدرالي". توفر الشركة خدماتها (وتنقل موظفيها) للوكالات الحكومية الأخرى.
صدر شرط دستوري في تسعينيات القرن العشرين يقضي بإصدار البرلمان الفنلندي لتقرير كل أربعة أعوام يتناول الاتجاه الذي تسير فيه الدولة في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك تعمل وحدات ومجموعات أخرى داخل الحكومة وخارجها في دراسة الأحداث المستقبلية.
مهام العمل
-        استقراء الأحداث المستقبلية لتحديد المخاطر والفرص الممكنة.
-        إجراء أبحاث وتحليلات على القضايا والمشكلات الناشئة والمتداخلة.
-        بناء القدرات: تجربة أدوات ومفاهيم جديدة لاستكشاف المستقبل.
-        التوقُّع: باستخدام منهجي الاستقراء والاستشراف لتحديد التهديدات المحتملة والفُرص الممكنة على مدار فترة تتراوح بين 10 أعوام و15 عاماً في المستقبل.
-        التجربة: بالاستعانة بأساليب وتقنيات مُبتكَرة.
·        الاستكشاف: من خلال تحصيل أفكار ومعارف جديدة.
تهدف فنلندا إلى وضع استراتيجية وطنية تعالج موضوعات مهمة لضمان نجاح الدولة وازدهارها، مثل مستقبل مجتمع المعلومات ومستقبل التكنولوجيا النظيفة.
التحديات الأساسية
التغلُّب على حالات التحيُّز الفكري وتحويل الاستشراف إلى استراتيجيات يمكن اتباعها.
دورات العمل المتكررة. فعلى مدار الثلاثين عاماً المنصرمة، مرت الدولة بثلاث أو أربع مراحل مهمة؛ وتسرَّع بعض الناس في إقامة مشروعات غير مفيدة بسبب عدم تمتعهم بخبرةٍ كافية، مما أدَّى إلى إغلاق هذه الوحدات.
التنسيق بين الدوائر المتعددة المعنية بأعمال الاستشراف.
عوامل النجاح
الالتزام التام والتعلُّم المستمر والبحث الدائم عن أفضل الممارسات على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى نجاح منهج "الشبكة المُدارة"، أو "الحكومة الشاملة".
القدرة على التركيز على هدفين أساسيين، وهما: (1) تقديم المشورة للكبار و(2) بناء القدرات، وذلك مع الحرص الشديد على ألا تؤدي كثرة مهام العمل إلى تشتيت الانتباه.
السلطة القانونية التي يتمتع بها البرلمان تضع أساساً قوياً يسمح باستمرار أعمال الاستشراف، فضلاً عن نجاح فنلندا في تحقيق التكامل بين التصوُّرات المستقبلية للقطاعين العام والخاص.
الدروس المستفادة
لا يوجد شيء اسمه عمل استشرافي كامل الأركان؛ فهناك دائماً أشياء جديدة يمكننا أن نتعلَّمها ونجرِّبها. وكل مشروع يتيح لنا فرصة إعادة النظر في المواد القديمة والاستعانة بمعلومات جديدة في الواقع المتغيِّر دائماً. كما أنَّ تنوُّع المُدخلات هو أحد مفاتيح نجاح الاستشراف أيضاً.
عليك أن تبذل قصارى جهدك لتحقيق نتائج جيدة في مهام الاستشراف. كما أنَّ الخبرة ووجود قائد محترف يدُلُّك على الطريق أمران ضروريان للغاية! تأكد من أن أنك تعمل مع أفراد يدركون جيداً معنى الاستشراف، وتجنَّب التسرُّع والقيام بأشياء غير لائقة قد تدمِّر مصداقيتك.
الاستفادة من نماذج الآخرين في مجال الاستشراف. فعلى سبيل المثال: تزور وفود كثيرة فنلندا للاستفادة من نموذج الاستشراف لديها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيناريوهات "مونت فلور" أو (The Mount Fleur Scenarios)

مشاريع الاستشراف الفعَّالة

تقرير المخاطر العالمية: الطبعة العاشرة لعام 2015 أو (Global Risks 2015 10th Edition)